مقالات

موضوع تعبير عن الوطن

المقدمة: حبّ الوطنُ فطرةٌ قدسيّة

فُطِر الإنسان على حبّ وطنه، وهي فطرة مُقدّسة وهبها الله عز وجل للناس أجمعين، إلى الوطن ينتمي الشّرفاء واليه يعودون مهما طال بهم الغياب ومهما أبعدتهم السنون، فلا بد للمهاجر أن يعود إلى وطنه مهما طال غيابه ومهما باعدت بينه وبين وطنه الأزمات، فكم مِن مهاجر هاجه الحنين إلى وطنه حتى عاد إليه!، وكم من امرأة تزوّجت وسافرت وما زال حبُّ الوطن باقيًا في قلبها، وكم من مُسافر هاجر حتى يشق طريق نجاحه ولكنه عاد في نهاية الأمر يأخذه الحنين وحب الوطن الذي هو فطرةٌ قدسية جبله الله عليها ومكنها فيه حتى باتت جزءًا من روحه وكيانه، فكما قال الشاعر:

وطني عليك تحيتي وسلامي، وقف بحلّي غربتي ومقامي

وطني إليك أحن في سفر وفي، حضري أجل وبيقظتي ومنامي

العرض: الوطن يبحثُ عن حقوقه فأين يجدها

للوطن حقوقٌ لا يجدها إلا عند مواطنيه الصالحين الذين يعلمون تمامًا أنّهم يحملون على عاتقهم حبّ الوطن وبنائه وتشييده والمحافظة عليه والذود عنه وحمايته من كل مغتصب أثيم، ونحن إذ نعلمُ أنّ المواطنين الصالحين لا يهمّهم لا مال ولا جاه ولا منصب، وإنما يهمهم أن يكون وطنهم بخير بعيدًا عن الحروب والفتن والآثام والمشاكل والمصائب، ويهمّهم أن يكون لوطنهم سمعة جيدة حتى يشار إليه، ويُقال إنّ هؤلاء هم أبناء ذلك الوطن الشرفاء الكبار والعظماء الذين يقدّسون وطنهم ويحبونه أيّما حبٍ، ويقدّمون حتى أرواحهم فداءً له دونما تردد.

للوطن حقوق وواجبات ينبغي على أبنائه القيام بها تجاهه، ومن هذه الحقوق: أن يعمل المواطنون الصالحون على بناء الوطن ونهضته كلٌ بحسب خبرته وقدراته ومكانته ومعرفته، كما يتوجب عليهم عدم التهرُّب من الضرائب والرسوم التي تفرضها الدولة عليهم والتي هي حقّ من حقوق الوطن.

كما ينبغي أيضًا على المواطنين الصالحين الوقوف من أجل حلّ قضايا ومشكلات المجتمع والدفاع عنها، إذ يُعتبر المجتمع جزءًا لا يتجزأ عن الوطن، كما يتوجّب علىالمواطنين الصالحين حماية ممتلكات الوطن وأماكنها العامة والخاصة والدفاع عنها أمام كل ما يؤدي إلى المساس بالوطن أو تدميره.

ينبغي على شباب الوطن المُخلصين الدّخول في الخدمة العسكرية كي يكونوا على استعداد في حال تعرُّض وطنهم للمخاطر والحروب -لا قدّر الله-، ويتوجب عليهم أيضًا أن يشاركوا في التصويت والانتخاب من أجل الوطن وخدمة مصالحه؛ إذ إنّ خدمة الوطن من الأمور المهمة التي يشترك بها المواطنون كافّة مهما كانت مكانتهم وأوضاعهم السياسية، وعدم ترددهم في تقديم النصيحة للمسؤولين وأولي الأمر منهم بما يخدم مصلحة الوطن واستقامته.

وإنّ الله عز وجل جعل حماية الوطن والدفاع عنه من الجهاد في سبيل الله، فلا يقعدنّ امرؤ وفي وطنه حروب أو يهرب منه، وإنما عليه الاستنفار والاستعداد للدفاع عنه وحمايته مهما كلفه الأمر، فكما قال الشاعر: ولي وطن آليت ألا أبيعه، وألا أرى غيري له الدهر مالكاً.

ومن واجب أولياء الأمور كالآباء والمعلمين والمسؤولين تنمية وغرس حبّ الوطن والانتماء إليه في قلوب أبنائه، وذلك من خلال الدعوة إلى التعاون بين أبناء الوطن الواحد، وأن يكون تعاونهم بما فيه مصلحة الوطن والمواطنين والذود عنه في كل ما يهدّد أمنه واستقراره، والمساهمة في رفعة الوطن بكل الطرق الإيجابية المتاحة والمباحة، وزيادة التعاون بين المؤسسات والبيوت ووسائل الإعلام؛ وذلك من أجل زيادة غرس الانتماء الوطني.

كما ينبغي تعزيز دور الشباب الذين يُعتبرون دعامة الوطن وأساس حضارته ومصدر طاقاته الدائمة، حتى يبقى في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة؛ لذا نجد أنّه من واجب الدول صناعة جيل متطور وناجح ومتقدم.

ينبغي على أبناء الوطن طاعة وليّ الأمر وعدم الخروج عليه، وإنّما تقديم النّصح له في كل ما فيه مصلحة هذه الأمة، كما ينبغي على أبناء الوطن الأثرياء تقديم خدماتهم لوطنهم سواء أكانوا خارج الوطن أم داخله، وفي حال كانوا خارج البلاد يتوجّب عليهم استثمار أموالهم في أوطانهم بما يعود بالخير الكثير على الوطن من أبنائه.

وتلك فرصة لتوفير فرص عمل للشباب الذين لا يعملون، ممّا يعود بالنفع على اقتصاد الوطن، كما أنه لَمِنَ الجميل أن يقوم الشباب والشابات بأعمال تطوعية تعود بالنفع على وطنهم مثل المساهمة في زيارة دار المسنين ودور رعاية الأيتام وتقديم الخدمات التطوعية لهم.

يُقدّم الشباب والشابات المخلصون أيضًا دعمهم ومساندتهم للطلاب الفقراء من خلال إعطائهم بعض الدروس الخصوصية والمجانية، كما يمكنهم المشاركة في حملات تنظيف في الحدائق العامة والشوارع وطلاء الجدران والرسم عليها لتبدو مدينتهم أكثر جمالًا، كما يمُكن للشباب المثقفين والمتعلمين القيام بحملات توعية في المدارس والشوارع ضد مخاطر التدخين والمخدرات التي تفتك بأمن المجتمع، فكم من المؤثرين عملوا جاهدين كي يكون لهم أثر واضح في أوطانهم.

ينبغي على المواطنين كافة التعبير عن الانتماء للوطن بما يتناسب مع موقع كلّ منهم؛ فالطالب يُعبّر عن حبه لوطنه بطريقته الخاصة، وربة المنزل أيضًا تقوم بدورها، وعامل الوطن له دورٌ عظيم، ويتوجّب على الشباب والشابات القيام بأدوار يقع على عاتقهم إتمامها؛ حيث يقوم كل منهم بدور مُحدّد يناط به مسؤولية إتمامه على أكمل وجه.

وقد حثّ الإسلام على حب الوطن وحمايته والدفاع عنه وعدم تركه في أيدي المغتصبين، والعمل على نصرته وبنائه وإعادة إعماره في حال تعرّض للحرب أو الدمار، كما يتوجّب على المواطنين عدم الفرار من أوطانهم والعمل على رفعته ونهضته وحمايته.

الخاتمة: الوطنُ بوصلة المغتربين

الوطن هو البوصلة التي تهدي المغتربين للعودة إليها، فما من مغتربٍ في هذا الكون الفسيح إلّا وجذبه حب الوطن وأراد العودة إليه شاء أو لم يشأ ذلك، والمواطن الصالح لا بدّ له وأن يعود يومًا لأنه يعلم أنّه مهما باعدت بينه وبين وطنه الأيام فإنه لا بد أن يرجع حاملًا معه كل نجاحاته وحتى إخفاقاته، فهو يعلم تمام المعرفة أنّ وطنه سيستقبله مهما ابتعد ولن يخذلهُ أبدًا، لأنه جزءٌ من هذا الوطن الذي يعتمد عليه وعلى غيره اعتمادًا كبيرًا، فالوطن هو الأم الحنون التي تُسامح أبناءها مهما ابتعدوا عنها، وتعلم تمامًا أنّهم يحبونها كما تُحبّهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى